أقيمت مساء الأربعاء 2 يوليو 2025م، بمكتبة دار الكتاب العامة قاعة الأستاذ عبد القادر الغساني بصلالة، الأمسية الأولى ضمن ملتقى الثقافة القانونية بعنوان المسؤولية الجنائية عن أعمال كيانات الذكاء الاصطناعي، قدمها الدكتور أحمد أسامة حسنية أستاذ قانون الإجراءات الجزائية المشارك في قسم القانون العام بجامعة ظفار ،وأدار الجلسة الكاتب والإعلامي ماجد المرهون.
تناولت الأمسية عدة محاور رئيسية، كان من أبرزها:ماهية كيانات الذكاء الاصطناعي: استُعرضت في البداية طبيعة هذه الكيانات، بدءًا من البرمجيات البسيطة وصولاً إلى الأنظمة الذاتية التعلّم القادرة على اتخاذ قرارات معقدة، مثل السيارات ذاتية القيادة، والروبوتات المستخدمة في الصناعات الدقيقة، وحتى أنظمة التنبؤ واتخاذ القرار.
الإشكالية القانونية الأساسية: طرح المحاضر تساؤلاً جوهريًا: “هل يمكن اعتبار كيانات الذكاء الاصطناعي فاعلاً جنائيًا؟” أي هل يمكن تحميلها المسؤولية كأشخاص معنويين أو طبيعيين؟ وهنا أشار إلى أن القوانين التقليدية لم تُصمَّم للتعامل مع كائنات غير بشرية تتخذ قرارات مستقلة عن صانعها أو مشغّلها،النظريات المقترحة للمساءلة ناقش المحاضر مجموعة من المقاربات القانونية المقترحة، ومنهاتحميل المسؤولية للمبرمج أو المطوّر، باعتباره من صمّم الكيان الذكي ووجّهه،تحميل المسؤولية للمالك أو المستخدم، كما هو الحال في مسؤولية مالك السيارة،طرح مفهوم “الشخصية القانونية للذكاء الاصطناعي”، أي الاعتراف القانوني بالروبوت ككائن مسؤول جنائيًا ، نظرية “المسؤولية المشتركة”، التي تقترح توزيع المسؤولية بين عدّة أطراف،التحديات العملية والقانونية: بيّن المحاضر مدى صعوبة إثبات النية أو القصد الجنائي في حالة كيانات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى تعقيد عمليات التعلم الذاتي والتصرف غير المتوقع لبعض الأنظمة، مما يجعل من الصعب تحديد الجاني الحقيقي في حال وقوع ضرر أو فعل مجرّم،ووضع أمثلة واقعية وتطبيقات عملية:اختُتمت الأمسية بعرض مجموعة من الحوادث الواقعية مثل فشل الانسان الالي في اتمام بعض المهام ، والهجمات السيبرانية المُدارة بواسطة أنظمة ذكية، وتم تحليل كل حالة وفقًا للمنظور الجنائي.
وفي التوصيات الختامية أكد المحاضر على ضرورة ،تحديث التشريعات الجنائية بما يواكب التطورات التقنية،إنشاء هيئات رقابية متخصصة في مراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي،وضع أطر أخلاقية وقانونية واضحة لتصميم وتطوير هذه الكيانات، تعزيز التعاون بين المشرّعين والمطورين من أجل صياغة قوانين أكثر ملاءمة للواقع الجديد،كانت المحاضرة بمثابة جرس إنذار لواقع قانوني جديد يتطلب مراجعة شاملة، فالمستقبل يحثّنا على التفكير خارج الإطار التقليدي للمسؤولية الجنائية.